رثاء .... لابن الرومي
التعريف بالشاعر : هو أبو الحسن على بن العباس بن جريج الرومي ولد في بغداد سنة 221هـ (835م) وعاش بها طول حياته . أبوه من أصل رومي وأمه من أصل فارسي ، وثقافته عربية إسلامية ، وقد اشتهر بالتشاؤم ، وقيل أنه توفى سنة 284هـ 897م متأثرا بالسم الذي دسه له القاسم بن عبد الله وزير المعتز عندما خاف أن يهجوه . ويعد ابن الرومي من أعظم شعراء العصر العباسي قدرة على التعبير عن النفس الإنسانية .
جو النص : صُدِمَ الشاعر بفقد ولده بعد أن اختطفه الموت بعد صراع قصير مع المرض ، فامتلأت نفسه ببحار الحزن ، وفاضت دموعه أسفاً وحسرة ، فأبدعَ هذه الكلمات الباكية المؤثرة تعبيراً عن أحزانه التي لا تنتهي ، واستحالة عزائه عن ابنه ، وقد تطور الرثاء على يد ابن الرومى فزاد اشتعالا ولوعة ، فوصف لحظات الموت والمعاناة التى يعانيها أهل الميت .
النص
1 - بُكاؤكما يشْفي وإنْ كانَ لايُجـدِي *** فَجُودا ، فقدْ أوْدَى نظيرُكما عندي
2 - توخَّى حِمامُ الموتِ أوْسطَ صِبيَتَـــي *** فللهِ كيف اختــــارَ واسِطةَ العِقْدِ ؟!!
3 - طَواهُ الردَى عنِّي فأضْحَــــــــــى مزارُه *** بعيداً على قُرْبٍ قريبـــاً على بُعْدِ !!
4 - لقدْ أنْجـَزتْ فيهِ المنايا وعيــــــــدَها *** وأخْـلَفتِ الآمــــالُ ما كان مِن وعْدِ 5 - ألح عليه النزف حتى أحــــــــــــــــاله *** إلى صفرة الجادي عن حمــرة الورد
6 - فيا لك من نفس تساقط أنفســــــــا *** تساقط در من نظــــــــام بلا عقــــد
7 - أُلام لما أبدي عليك من الأســــــــــــــى *** وإني لأخفي منك أضـعاف ما أبدي
8 - محمد ما شيء توهم ســـــــــــــــــــلوة*** لقلبي إلا زاد قلبي من الوجـــــــــد 9 - أرى أخـويْكَ البـاقيين كليهمــــــــــــــا*** يكونـــــانِ للأحـزانِ أورَى من الزنْدِ 10- إذا لَعـِبا في ملـــــــــــــــعبٍ لكَ لذَّعــا *** فؤادِي بمثلِ النـــــارِ من غيرِ ما قصْدِ 11- وأنتَ وإنْ أُفردتَ في دارِ وحْشـــــةٍ *** فإني بدارِ الأنسِ في وحْشـةِ الفـرْدِ
تحليل النص
الفكرة الأولى " حسرة لا تنتهى على وفاة الابن "
1 - بُكاؤكما يشْفي وإنْ كانَ لايُجـدِي *** فَجُودا ، فقدْ أوْدَى نظيرُكما عندي
2 - توخَّى حِمامُ الموتِ أوْسطَ صِبيَتَـــي *** فللهِ كيف اختــــارَ واسِطةَ العِقْدِ ؟!!
3 - طَواهُ الردَى عنِّي فأضْحَــــــــــى مزارُه *** بعيداً على قُرْبٍ قريبـــاً على بُعْدِ !!
4 - لقدْ أنْجـَزتْ فيهِ المنايا وعيــــــــدَها *** وأخْـلَفتِ الآمــــالُ ما كان مِن وعْدِ اللغويات :
- بُكاؤكما: الشاعر يخاطب عينيه - يشفِي : يُريح × يمرض - لا يُجدِي : لا يُفيد ولا ينفع ،( من جدو والماضى أجدى ) × يضر - جُودا : ابكيا بغزير الدمع × ابخلا ، اجمدا - أوْدَى : مات وهلك × حيا - نظيرُكما: مثيلكما في المكانة ج نُظَراء . - توخَّى : قصد ، أصاب ( وخى ) - حِمَامُ الموتِ : قضاؤه ومصيبته وشدته - صبيتي : أبنائي الصغار م ( صبى ) - لله : أسلوب تعجب - الردَى : الموت - واسِطة العِقدِ : الجوهرة الكبيرة التي تتوسط العقد ، والمقصود : الابن الأوسط . - طَواه : لفّه و أماته وأخفاه × أحياه - أضْحى : أصبح و صار ( وتفيد التحويل ) - مَزارُه : مكان زيارته في قبره و المقصود : لقاؤه - أنجزتْ : حققت ونفذت × أخلفت - المَنايا : م مَنيَّة وهى الموت - وعِيدَها : تهديدها × بشرى - أخْلفتْ : لم تحقق ، لم تفِ بوعودها.
الشرح :
يعبر الشاعر عن فجيعته بفقده ولده الحبيب فيخاطب عينيه اللتين تماثل كل منهما مكانة ابنه متمنيا أن تكثرا من فيضان البكاء ، لعل البكاء ينزل السكينة على قلبه ويريحه من حزنه العاتي الشديد و لكن البكاء لن يفيد في رد الفقيد .
ثم يعبر في البيت الثاني عن غضبته الشديدة على المنايا التي خطفت أغلى الناس إليه عامدة ، فيقول : أن الموت لا يتخطف النفوس اعتباطاً (بلا سبب) ، وإنما يُجِيل نظره حتى يختار ، وقد اختار أوسط صبيتي محمداً لعلمه أنه أحب أولادي إليّ ، فيا له من موت قاسٍ ظفر بأجمل حبة في العقد . و إذا كان الموت قد اختطفه وأخفاه فأصبحت زيارته بعيدة ؛ لأنه في العالم الآخر على الرغم من قرب مثواه (قبره) مني ، فذكراه لا تغيب عني على الرغم من بعد جسده . وهكذا نفذ فيه الموت تهديده باختطافه حينما انقضّ عليه المرض وافترسه ، وضاعت الآمال و الأحلام الجميلة بشفاء الصغير .
س : ما الذي يقصده الشاعر بالقرب هنا وبالبعد ؟ جـ : يقصد بالقرب : قرب المكان (القبر) . - ويريد بالبعد : بُعْد اللقاء (فالابن في العالم الآخر).
مواطن الجمال والتذوق الأدبى :
(بكاؤكما) : استعارة مكنية ، فقد شبَّه عينيه بشخصَين يخاطبهما وسر جمالها التشخيص . و توحى بشدة الحزن . (يشفى) : كناية عن الراحة مع الدموع ؛ لأنَّها تُطفئ نار الحزن؛ ولذلك تشتد اللوعة عندما تمتنع العين ولا تدمع . (بكاؤكما يشفى استعارة مكنية ، شبه البكاء بالدواء الشافي للألم والحزن . للتوضيح . (جودَا) : استعارة مكنية ، حيث تخيل عينيه شخصين ، ووجه لهما الأمر وهى امتداد للصورة السابقة . وتوحى بهول الفاجعة . (أودَى نظيرُكُما عندي) : تشبيه ابنه في منزلته عنده بعينيه ، وهو تشبيه يوحي بشدة الحب وسر الجمال : توضيح الفكرة برسم صورة لها . البيت الأول بين شطريه موسيقى مصدرها التصريع بين (يجدي - عندي).
(لا يجدي) صرخة تعبر عن هول الفاجعة وفقدان الأمل في الصبر . (جودَا) : أسلوب إنشائي/ أمر ، غرضه : التمني والالتماس . (توخَّى حمامُ الموتِ أوسطَ صبيتي) : استعارة مكنية ، تُصور الموت إنسانًا شريراً يختار ضحاياه ، وتوحي بقسوة الموت . وفيها تشخيص . (واسطة العقدِ) : استعارة تصريحية ، فقد شبه ابنه الأوسط بالجوهرة الثمينة التي تتوسط العِقد ،وحذف المشبه وصرح بالمشبه به ، وسر جمالها توضيح الفكرة ،وتوحي بمكانته بين إخوته. (أوسط - واسطة) : جناس ناقص له تأثير موسيقي ويثير الذهن . (توخي - اختار) تعكسان شدة الحزن والألم الذي يعانيه وتدلان على اختيار الموت المتعمد لأفضل أبنائه . (فلله) : أسلوب إنشائي / تعجب ، غرضه : التحسر . (كيفَ اختارَ واسطةَ العقِد ؟) : أسلوب إنشائي / استفهام للتعجب والتحسر . ويوحى بقسوة الموت . ويؤخذ عليه هنا أنه يبدو معترضا على القضاء والقدر . وهذا مخالف للدين . (طواه الردَى عنّى): استعارة مكنية ، فقد شبه الردى بإنسان يطوي ، وهي توحي بقسوة الموت ، وتدل على موت الابن واختفائه في قبره . (بعيدا على قرب - وقريبا عَلى بعد) : مقابلة توضح المعاني بالتضاد وتوحي بالحسرة. (بعيدا على قرب - وقريبا عَلى بعد) : بينهما حسن تقسيم . (لقد أنجزتْ فيهِ المنايا وعيدَها) : استعارة مكنية ، تصور المنايا شخصًا ينفذ التهديد ، وحذف المشبه به ودل عليه بشيء من صفاته هو (أنجزتْ - وعيدَها) وسر جمالها التشخيص ، وتوحي بغيظ الشاعر من المنايا وكرهه الشديد لها . (أخلفت الآمالُ) : استعارة مكنية ، أُخرى للآمال فيها تشخيص لها بإنسان يخلف الوعد ، و هي توحي باليأس . (الآمال) جمع يوحي بكثرة آمال الشاعر في ابنه . (أخلفتْ) : توحي بالتنكُّر للوعد ، والغدر . (المنايَا) جمع يوحي بهول الفاجعة ، فهي ليست منية واحدة بل مجموعة منايا . (لقد أنجزتْ فيهِ المنايا وعيدَها) : أسلوب مؤكد بوسيلتين هما (اللام - وقد) . ( أنْجزتْ فيهِ المنايا وعيدَها- وأخلفتِ الآمالُ ما كان مِن وعْدِ( : مقابلة توضح المعاني بالتضاد (وعيدَها - وعد) : جناس ناقص له تأثير موسيقي يثير الذهن .
الفكرة الثانية : احتضار الابن وأحزان الأب
5 - ألح عليه النزف حتى أحــــــــــــــــاله *** إلى صفرة الجادي عن حمــرة الورد
6 - فيا لك من نفس تساقط أنفســــــــا *** تساقط در من نظــــــــام بلا عقــــد
7 - ألام لما أبدي عليك من الأســــــــــــــى *** وإني لأخفي منك أضـعاف ما أبدي
اللغويات
- ألحَّ : استمر و طال - النزْفُ : سيل الدم وخروجه بغزارة - أحالَه : حوله وغيَّره × أثبته - الجادىّ : الزعفران وهو نبات له زهر أصفر . - يالكِ : أسلوب تعجب للحسرة - نفْس : رُوح ج نفوس ، أنفس - تساقَط : تتساقَط ( حذفت التاء تخفيفا ) - درّ : لُؤلؤ م ( درة ) - نِظام : خيط توضع فيه حبات اللؤلؤ ( ج ) نُظم وأنظمة وأناظيم - عَقْد : عقدة تمنعه من الانفراط . - أُلامُ : أُعاتَب - الأسَى : الحزن - أُبدى : أُظهر × أخفي - أضْعاف : أمثال م ضِعْف .
الشرح :
يتحدث الشاعر عن ابنه قبيل أن يفترسه الموت ، ويستحضر صورته وهو ينازع
(يصارع) الموت فيقول : لقد انقض عليه الموت بوحشيته ؛ ليفترسه و ينقله سريعاً إلى اللحد (القبر) ، فاستمر النزيف يعاوده مرة بعد مرة حتى غيّره من نضارة الورد وحمرته إلى ذبول الزعفران وصفرته . ثم يتعجب الشاعر من الموت الذي أحكم قبضته على ابنه ، وجعل نفْس الابن تتجزأ إلى أكثر من نفس تتساقط الواحدة بعد الأخرى جزءًا جزءًا و كأنها عقد ثمين تتساقط حباته حبة إثر حبة .
ثم يقول الشاعر مخاطباً ابنه : إنني أحاول إظهار التماسك وإخفاء نيران الحسرة المتأججة عليك ، ولكني لا أستطيع ، فيعاتبني الناس على ما أظهرته من الحزن عليك ، وفي نفسي بحور من الأحزان لا ضفاف لها لم أظهرها لهم ، اخفي في قلبي أضعافها .
س : استخدم الشاعر اللون في تصوير فكرته في البيت الخامس استخداماً دقيقاً. وضح .
جـ : كان استخداماً دقيقاً حيث ظل ابنه ينزف حتى تحول لونه الوردي دليل الحيوية والنشاط إلى لون أصفر خال من النضارة وجمال الحياة ، وهكذا عندما يأتى الموت يتغير لون الإنسان .
مواطن الجمال والتذوق الأدبى :
(أحاله إلىِ صُفرةِ الجادي عن حُمرةِ الورِد) تشبيهانِ للابن قبل مرضه بالورد في نضارته وحمرته ، وبعد المرض بالجادي في صفرته وذبوله ، وسر جمالهما التوضيح ويوحيان بقسوة المرض (ألحَّ عليه النزفُ) : تعبير يدل على شدة المرض وقسوته . (صفرة) : توحي بقرب نهاية حياة الابن . (فيالك) : أسلوب إنشائي / للتعجب والتحسر (تساقط أنفساً) : توحي بشدة التمزق والمعاناة النفسية الهائلة . وهنا التفات لإثارة الذهن . (نفس تساقَطُ أنفساً تساقُطَ درٍّ من نظام بلا عقد) : تشبيه تمثيلي شبه حالة خروج الروح من ابنه رويد رويدا بحالة تساقط حبات الدر واحدة بعد الأخرى .وسر جماله التجسيم والتوضيح ، وتوحي بقسوة المرض و شدة معاناة الابن قبيل وفاته وحزن الأب . (أُلامُ): فعل مبنى للمجهول للدلالة على كثرة اللائمين وعدم اهتمامه بهم . (وإنِّى لأُخفي منكَ أضعافَ ما أُبدي ...) : إيجاز بحذف المفعول به ؛ لإفادة العموم وأسلوب مؤكد بوسيلتين هما (إن - واللام) . (أُخفِى - وأُبدِى) : محسن بديعي / طباق يوضح المعنى بالتضاد .
الفكرة الثالثة تجدد الحزن واستحالة العزاء
8 - محمد ما شيء توهم ســـــــــــــــــــلوة*** لقلبي إلا زاد قلبي من الوجـــــــــد 9 - أرى أخـويْكَ البـاقيين كليهمــــــــــــــا*** يكونـــــانِ للأحـزانِ أورَى من الزنْدِ 10- إذا لَعـِبا في ملـــــــــــــــعبٍ لكَ لذَّعــا *** فؤادِي بمثلِ النـــــارِ من غيرِ ما قصْدِ 11- وأنتَ وإنْ أُفردتَ في دارِ وحْشـــــةٍ *** فإني بدارِ الأنسِ في وحْشـةِ الفـرْدِ
اللغويات :
- مُحمَّد: ابنه يناديه - تُوهِّم: ظُنَّ - سَلْوة : عزاء ، صبر×جزع - الوْجدُ: شدة الحزن و اللوعة × سرور - أورَى: أكثر إشتعالاً × أخمد - لذَّعا: أوجعا ,احرقا × أراحا - الزَّندُ: حديدة تضرب بحجر صلب فتنقدح النار ج زِناد ، أَزْنُد ، أَزْناد. - فؤادي: قلبي ج أفئدة - قصد : تعمُّد × صدفة . - أُفردتَ: تركت وحيدا في قبرك - الفرد : الوحيد ج أفراد - دارُ وحْشةٍ: أرض خالية موحشة و المراد : القبر - دارُ الأُنْسِ : أي الدنيا التي يأنس بها الناس
الشرح :
يتحدث الشاعر إلى ابنه قائلا : ليس هناك شيء يا محمد يخفف حزني عليك فما يتوهمه الناس من أنه يخفف من حزني عليك لا يزيدني إلا ألما وحزنا على فقدك . فكلما شاهدت
أخويك الباقيين تذكرتك فتشتعل نار الأحزان و الحسرة في نفسي وإذا لعب أخواك في مكان كنت تلعب فيه أحرقا فؤادي بنار اللوعة دون قصد . وإنك يا محمد إن كنت تشعر بالوحشة في قبرك الموحش فأنا أشعر بالوحشة وأنا في الدنيا بين الناس .
س : يربط الشاعر بين ابنه الفقيد وبين أخويه الحبيبين . فما العلاقة ؟ جـ : العلاقة بينهم حبه لكل منهم فلعب الأخوين الباقيين في ملعبه يذكره به ويحرك الذكرى المؤلمة بفقده فهما يزيدان من أحزانه .
س: ساوي الشاعر بينه وبين ابنه الفقيد . وضح ، ثم عين البيت المعبر عن ذلك.
جـ : بالفعل فإذا كان الابن وحيدا في قبره يشعر بالوحشة ، فالأب في هذه الدنيا المليئة بالبشر يشعر أيضا بالوحشة والوحدة فكلاهما وحيد .
- البيت : [ وأنتَ وإنْ أُفردتَ في دارِ وحْشةٍ فإني بدارِ الأنسِ في وحْشةِ الفرْدِ]
مواطن الجمال و التذوق الأدبى :
(محمد) : أسلوب إنشائي / نداء غرضه :التحسر ، وحذفت أداته للدلالة على قربه من نفسه. (ماشيءٌ توهمَ سلوةً إلا زادَ قلبي من الوجد) : أسلوب قصر وسيلته النفي (ما) والاستثناء (إلا) وهو يفيد التوكيد وتخصيص الحكم . (تُوُهِّم) : الفعل يدل على خطأ هذا الوهم ، وبناؤه للمجهول يدل على عدم اهتمامه بهؤلاء الواهمين. (يكونان للأحزانِ أورَى من الزنْدِ) : تشبيه لهما في إثارة الأحزان بالزند في إشعال النار ، وسر جماله التوضيح والإيحاء بشدة الحزن والألم. (أرى أخويْكَ الباقيَينِ كِليْهما) : أسلوب خبري يفيد التجدد باستخدام المضارع (أرى) وفيه توكيد معنوي بـ(كليهما) ، ليدل على أنهما معا لا يكفيان للعزاء بل يزيدان في الحزن . (لذَّعَا) : تشديد (لذَّعَا) يدل على كثرة الآلام وقسوة المعاناة. (لذَعَا فؤادي بمثِل النِار) : تشبيه للحزن الذي يؤلم فؤاده ويحرقه بالنار وسر جماله التجسيم ، ويوحي بشدة الحزن . (دار وحْشَةٍ) : كناية عن القبر . (دار الأنسِ) : كناية عن الدنيا و الحياة . (فإني بدارِ الأنسِ في وحْشةِ الفـرْدِ) أسلوب مؤكد ب ( إن ) و فى البيت مساواة بين الأب الحي والابن الميت في الشعور بالوحشة والانفراد . (وحشة - الأنس) : طباق يبرز المعنى ويوضحه بالتضاد. ( أرى – أورى ) جناس ناقص له جرس موسيقى يثير الذهن .
التعليق :
1- الرثاء : من الأغراض الشعرية القديمة التي تتميز بصدق العاطفة و رقة الإحساس و البعد عن التهويل الكاذب ، كما يتجلى فيه التحلي بروح الصبر و الجَلَد . - أنواعه : رثاء ذاتي - رثاء قبلي - رثاء قومي . - أشهر شعراؤه : الخنساء في رثاء أخيها صخر .
2- القصيدة من الرثاء الذاتي ؛ لأن الشاعر يرثي فيها ابنه ، ويصور التجربة المريرة التي مر بها وعانى ويلاتها . 3- الأساليب التي استخدمها الشاعر جاءت معظمها خبرية ؛ لتقرير حالته ووصف ما به من حزن عميق لفقد الابن ، والإنشائية ؛ لإبعاد جو الملل عن النفس
الخصائص الفنية لأسلوب ابن الرومي :
(1) سهولة الألفاظ وإحكام الصياغة وعدم التكلف في المحسنات . (2) وضوح الأفكار وترابط المعاني . (3) روعة التصوير ودقة الوصف . (4) القدرة على الإيحاء والتأثير . (5) التنوع بين الخبر والإنشاء . (6) نوّع الشاعر في قصيدته بين الأسلوب العاطفي للتفجع على ابنه وأسلوب الوصف لتأكيد هذا التفجع من خلال بعض الصفات التي يصف بها ابنه ، ويصور موته وأحزان الأب عليه .
أثر البيئة فى النص :
(1) زيارة المقابر للعبرة والعظة .
(2) استخدام الزند لإشعال النار .
(3) استخدام الورد والعقود كوسيلة للزينة .
(4) وجود ملاعب يلعب فيها الأطفال .
لاحظ أن الأبيات من الخامس إلى السابع يمكن أن تندرج تحت غرض الوصف . حيث نجد الشاعر يصف لحظات خروج الروح من ابنه الفقيد . وهذا الوصف يؤكد الغرض الرئيسى للقصيدة وهو الرثاء .
ولعلك تلاحظ أن شاعرنا اختلف عن أبى العلاء الذى تحدث عن فلسفة الموت .
تدريبات ( 1 )
- بُكاؤكما يشْفي وإنْ كانَ لايُجـدِي *** فَجُودا ، فقدْ أوْدَى نظيرُكما عندي
- توخَّى حِمامُ الموتِ أوْسطَ صِبيَتَي *** فللهِ كيف اختارَ واسِطةَ العِقْدِ ؟!!
- طَواهُ الردَى عنِّي فأضْحَـــى مزارُه *** بعيداً على قُرْبٍ قريباً على بُعْدِ !!
(أ) - اختر الإجابة الصحيحة لما يأتى مما بين الأقواس:
1 - معنى (طواه) هنا : (ستره بعد ظهور - جمعه بعد بسط - قطعه بعد سير).
2 - كيف اختار واسطة العقد؟ استفهام يفيد : (السؤال عن الحال - التحسر والعجب - الإنكار) . (ب) - الأبيات تصور مدى حزن الشاعر على ولده ، وتشير إلى مكانة هذا الفقيد في قلب والده وبين أسرته ، وضح ذلك. (جـ) - استخرج من الأبيات صورة بيانية وبين سر جمالها. ( د ) - هات من البيت الثالث محسنا بديعيا وبين قيمته في المعنى ودلالته على نفسية.
(2)
الدور الثاني 1997 م
طواه الردى عني فأضحى مزاره *** بعيداً على قرب قريباً على بعد
لقد أنجـزت فيه المنايا وعيدها *** وأخلفت الآمال ما كان من وعد
ألح عليه النزف حتى أحاله إلى *** صفرة الجادي عن حمرة الورد
(أ) - ضع مفرد " المنايا" ومرادف " أنجز" في جملتين من تعبيرك .
(ب) - وظف الشاعر بعض المحسنات البديعية للتعبير عن عاطفته . وضح ذلك .
(جـ) - ما أثر استخدام اللون في تصوير فكرة البيت الثالث ؟
(3)
الدور الثاني 2002 م
ألح عليه النزف حتى أحـالــــه *** إلى صفرة الجادي عن حمرة الورد
فيا لك من نفس تساقط أنفسا *** تساقط در من نظام بلا عقــــد
ألام لما أبدي عليك من الأسى *** وإني لأخفي منك أضـعاف ما أبدي
محمد ما شيء توهم سـلــــوة *** لقلبي إلا زاد قلبي من الوجـــــد
(أ) - ضع مرادف " توهم " ، ومضاد " الوجد " في جملتين من عندك . (ب) - تكشف الأبيات عن مشاعر الأب في تصويره موت ابنه ، وفى وصف حزنه عليه . وضح ذلك . (جـ) - بين ما يلي : - إيحاء كلمة (ألح) . - دلالة بناء الفعل (ألام) للمجهول .
(د) - وضح الصورة ، وقيمتها الفنية في البيت الثاني .
(4)
أرى أخـويْكَ البـاقيين كليهمــــــــــــــا*** يكونـــــانِ للأحـزانِ أورَى من الزنْدِ إذا لَعـِبا في ملـــــــــــــــعبٍ لكَ لذَّعــا *** فؤادِي بمثلِ النـــــارِ من غيرِ ما قصْدِ وأنتَ وإنْ أُفردتَ في دارِ وحْشـــــةٍ *** فإني بدارِ الأنسِ في وحْشـةِ الفـرْدِ
(أ) - هات مفرد "أخويك " ، ومضاد " لذع" في جملتين من تعبيرك .
(ب) - تصور الأبيات حسرة الشاعر لفراق ولده ، وقسوة الموت الذي اختار أحب أبنائه . وضح ذلك .
(جـ) - عين في البيت الثالث محسناً بديعياً ، وبين نوعه ، واذكر أثره في المعنى . (د) - يربط الشاعر بينه وبين ابنه الفقيد . من اين تفهم ذلك ؟ وعلام يدل ؟ (هـ) – جمعت القصيدة بين غرضين مختلفين من أغراض الشعر إلا أنهما يعبران عن شدة التفجع والحسرة . وضح ذلك من خلال القصيدة .
(5)
- بُكاؤكما يشْفي وإنْ كانَ لايُجـدِي *** فَجُودا ، فقدْ أوْدَى نظيرُكما عندي
- توخَّى حِمامُ الموتِ أوْسطَ صِبيَتَي *** فللهِ كيف اختارَ واسِطةَ العِقْدِ ؟!!
- طَواهُ الردَى عنِّي فأضْحَـــى مزارُه *** بعيداً على قُرْبٍ قريباً على بُعْدِ !!
(أ) ما معنى " أودى" ، وما مفرد " المنايا" ، وما مضا د "توخى" ؟ وبم يوحى التعبير "نظيركم عندى " ؟ وكيف يكون المزار قريبا وبعيدا ؟ ولم اختار الفعل "اضحى" ؟ (ب) تعد قصيدة ابن الرومى من الرثاء الذاتى . اشرح ذلك . (جـ) دلل على أن ابن الرومى شاعر مطبوع من خلال الأبيات السابقة ؟
(6)
ألح عليه النزف حتى أحـالــــه *** إلى صفرة الجادي عن حمرة الورد
فيا لك من نفس تساقط أنفسا *** تساقط در من نظام بلا عقــــد
ألام لما أبدي عليك من الأسى *** وإني لأخفي منك أضـعاف ما أبدي
محمد ما شيء توهم سـلــــوة *** لقلبي إلا زاد قلبي من الوجـــــد
(أ) "ألح" تعنى ( استمر – انقطع – تضجر – تظلم ) "نظام" تعنى ( ترتيب – تتابع – خيط – منظومة ) "أحاله" مضادها ( غيره – اثبته – ساعده – أنشاءه ) (ب) أكمل الفراغات : مفرد در .......... وحتى تفيد .......... ويالك من نفس أسلوب .......... (جـ) كانت الفترة التى سبقت موت ابن الشاعر فترة عصيبة . وضح ذلك . (د) الأبيات السابقة تختلف عن غرض القصيدة (الرثاء) فماذا جاء فيها ؟ وما قيمتها فى الرثاء؟ (هـ) بين ما يلى : - القيمة التعبيرية لـ"صفرة الجادى"عن "حمرة الورد" . - بناء الفعل "ألام"للمجهول .- المحسنات البديعية فى الأبيات وارتباطها بعاطفة الشاعر. ( و ) لم يغرق الشاعر قصيدته بالوصف بل أتى به دالا موحيا . وضح بمثال .
التعريف بالشاعر : هو أبو الحسن على بن العباس بن جريج الرومي ولد في بغداد سنة 221هـ (835م) وعاش بها طول حياته . أبوه من أصل رومي وأمه من أصل فارسي ، وثقافته عربية إسلامية ، وقد اشتهر بالتشاؤم ، وقيل أنه توفى سنة 284هـ 897م متأثرا بالسم الذي دسه له القاسم بن عبد الله وزير المعتز عندما خاف أن يهجوه . ويعد ابن الرومي من أعظم شعراء العصر العباسي قدرة على التعبير عن النفس الإنسانية .
جو النص : صُدِمَ الشاعر بفقد ولده بعد أن اختطفه الموت بعد صراع قصير مع المرض ، فامتلأت نفسه ببحار الحزن ، وفاضت دموعه أسفاً وحسرة ، فأبدعَ هذه الكلمات الباكية المؤثرة تعبيراً عن أحزانه التي لا تنتهي ، واستحالة عزائه عن ابنه ، وقد تطور الرثاء على يد ابن الرومى فزاد اشتعالا ولوعة ، فوصف لحظات الموت والمعاناة التى يعانيها أهل الميت .
النص
1 - بُكاؤكما يشْفي وإنْ كانَ لايُجـدِي *** فَجُودا ، فقدْ أوْدَى نظيرُكما عندي
2 - توخَّى حِمامُ الموتِ أوْسطَ صِبيَتَـــي *** فللهِ كيف اختــــارَ واسِطةَ العِقْدِ ؟!!
3 - طَواهُ الردَى عنِّي فأضْحَــــــــــى مزارُه *** بعيداً على قُرْبٍ قريبـــاً على بُعْدِ !!
4 - لقدْ أنْجـَزتْ فيهِ المنايا وعيــــــــدَها *** وأخْـلَفتِ الآمــــالُ ما كان مِن وعْدِ 5 - ألح عليه النزف حتى أحــــــــــــــــاله *** إلى صفرة الجادي عن حمــرة الورد
6 - فيا لك من نفس تساقط أنفســــــــا *** تساقط در من نظــــــــام بلا عقــــد
7 - أُلام لما أبدي عليك من الأســــــــــــــى *** وإني لأخفي منك أضـعاف ما أبدي
8 - محمد ما شيء توهم ســـــــــــــــــــلوة*** لقلبي إلا زاد قلبي من الوجـــــــــد 9 - أرى أخـويْكَ البـاقيين كليهمــــــــــــــا*** يكونـــــانِ للأحـزانِ أورَى من الزنْدِ 10- إذا لَعـِبا في ملـــــــــــــــعبٍ لكَ لذَّعــا *** فؤادِي بمثلِ النـــــارِ من غيرِ ما قصْدِ 11- وأنتَ وإنْ أُفردتَ في دارِ وحْشـــــةٍ *** فإني بدارِ الأنسِ في وحْشـةِ الفـرْدِ
تحليل النص
الفكرة الأولى " حسرة لا تنتهى على وفاة الابن "
1 - بُكاؤكما يشْفي وإنْ كانَ لايُجـدِي *** فَجُودا ، فقدْ أوْدَى نظيرُكما عندي
2 - توخَّى حِمامُ الموتِ أوْسطَ صِبيَتَـــي *** فللهِ كيف اختــــارَ واسِطةَ العِقْدِ ؟!!
3 - طَواهُ الردَى عنِّي فأضْحَــــــــــى مزارُه *** بعيداً على قُرْبٍ قريبـــاً على بُعْدِ !!
4 - لقدْ أنْجـَزتْ فيهِ المنايا وعيــــــــدَها *** وأخْـلَفتِ الآمــــالُ ما كان مِن وعْدِ اللغويات :
- بُكاؤكما: الشاعر يخاطب عينيه - يشفِي : يُريح × يمرض - لا يُجدِي : لا يُفيد ولا ينفع ،( من جدو والماضى أجدى ) × يضر - جُودا : ابكيا بغزير الدمع × ابخلا ، اجمدا - أوْدَى : مات وهلك × حيا - نظيرُكما: مثيلكما في المكانة ج نُظَراء . - توخَّى : قصد ، أصاب ( وخى ) - حِمَامُ الموتِ : قضاؤه ومصيبته وشدته - صبيتي : أبنائي الصغار م ( صبى ) - لله : أسلوب تعجب - الردَى : الموت - واسِطة العِقدِ : الجوهرة الكبيرة التي تتوسط العقد ، والمقصود : الابن الأوسط . - طَواه : لفّه و أماته وأخفاه × أحياه - أضْحى : أصبح و صار ( وتفيد التحويل ) - مَزارُه : مكان زيارته في قبره و المقصود : لقاؤه - أنجزتْ : حققت ونفذت × أخلفت - المَنايا : م مَنيَّة وهى الموت - وعِيدَها : تهديدها × بشرى - أخْلفتْ : لم تحقق ، لم تفِ بوعودها.
الشرح :
يعبر الشاعر عن فجيعته بفقده ولده الحبيب فيخاطب عينيه اللتين تماثل كل منهما مكانة ابنه متمنيا أن تكثرا من فيضان البكاء ، لعل البكاء ينزل السكينة على قلبه ويريحه من حزنه العاتي الشديد و لكن البكاء لن يفيد في رد الفقيد .
ثم يعبر في البيت الثاني عن غضبته الشديدة على المنايا التي خطفت أغلى الناس إليه عامدة ، فيقول : أن الموت لا يتخطف النفوس اعتباطاً (بلا سبب) ، وإنما يُجِيل نظره حتى يختار ، وقد اختار أوسط صبيتي محمداً لعلمه أنه أحب أولادي إليّ ، فيا له من موت قاسٍ ظفر بأجمل حبة في العقد . و إذا كان الموت قد اختطفه وأخفاه فأصبحت زيارته بعيدة ؛ لأنه في العالم الآخر على الرغم من قرب مثواه (قبره) مني ، فذكراه لا تغيب عني على الرغم من بعد جسده . وهكذا نفذ فيه الموت تهديده باختطافه حينما انقضّ عليه المرض وافترسه ، وضاعت الآمال و الأحلام الجميلة بشفاء الصغير .
س : ما الذي يقصده الشاعر بالقرب هنا وبالبعد ؟ جـ : يقصد بالقرب : قرب المكان (القبر) . - ويريد بالبعد : بُعْد اللقاء (فالابن في العالم الآخر).
مواطن الجمال والتذوق الأدبى :
(بكاؤكما) : استعارة مكنية ، فقد شبَّه عينيه بشخصَين يخاطبهما وسر جمالها التشخيص . و توحى بشدة الحزن . (يشفى) : كناية عن الراحة مع الدموع ؛ لأنَّها تُطفئ نار الحزن؛ ولذلك تشتد اللوعة عندما تمتنع العين ولا تدمع . (بكاؤكما يشفى استعارة مكنية ، شبه البكاء بالدواء الشافي للألم والحزن . للتوضيح . (جودَا) : استعارة مكنية ، حيث تخيل عينيه شخصين ، ووجه لهما الأمر وهى امتداد للصورة السابقة . وتوحى بهول الفاجعة . (أودَى نظيرُكُما عندي) : تشبيه ابنه في منزلته عنده بعينيه ، وهو تشبيه يوحي بشدة الحب وسر الجمال : توضيح الفكرة برسم صورة لها . البيت الأول بين شطريه موسيقى مصدرها التصريع بين (يجدي - عندي).
(لا يجدي) صرخة تعبر عن هول الفاجعة وفقدان الأمل في الصبر . (جودَا) : أسلوب إنشائي/ أمر ، غرضه : التمني والالتماس . (توخَّى حمامُ الموتِ أوسطَ صبيتي) : استعارة مكنية ، تُصور الموت إنسانًا شريراً يختار ضحاياه ، وتوحي بقسوة الموت . وفيها تشخيص . (واسطة العقدِ) : استعارة تصريحية ، فقد شبه ابنه الأوسط بالجوهرة الثمينة التي تتوسط العِقد ،وحذف المشبه وصرح بالمشبه به ، وسر جمالها توضيح الفكرة ،وتوحي بمكانته بين إخوته. (أوسط - واسطة) : جناس ناقص له تأثير موسيقي ويثير الذهن . (توخي - اختار) تعكسان شدة الحزن والألم الذي يعانيه وتدلان على اختيار الموت المتعمد لأفضل أبنائه . (فلله) : أسلوب إنشائي / تعجب ، غرضه : التحسر . (كيفَ اختارَ واسطةَ العقِد ؟) : أسلوب إنشائي / استفهام للتعجب والتحسر . ويوحى بقسوة الموت . ويؤخذ عليه هنا أنه يبدو معترضا على القضاء والقدر . وهذا مخالف للدين . (طواه الردَى عنّى): استعارة مكنية ، فقد شبه الردى بإنسان يطوي ، وهي توحي بقسوة الموت ، وتدل على موت الابن واختفائه في قبره . (بعيدا على قرب - وقريبا عَلى بعد) : مقابلة توضح المعاني بالتضاد وتوحي بالحسرة. (بعيدا على قرب - وقريبا عَلى بعد) : بينهما حسن تقسيم . (لقد أنجزتْ فيهِ المنايا وعيدَها) : استعارة مكنية ، تصور المنايا شخصًا ينفذ التهديد ، وحذف المشبه به ودل عليه بشيء من صفاته هو (أنجزتْ - وعيدَها) وسر جمالها التشخيص ، وتوحي بغيظ الشاعر من المنايا وكرهه الشديد لها . (أخلفت الآمالُ) : استعارة مكنية ، أُخرى للآمال فيها تشخيص لها بإنسان يخلف الوعد ، و هي توحي باليأس . (الآمال) جمع يوحي بكثرة آمال الشاعر في ابنه . (أخلفتْ) : توحي بالتنكُّر للوعد ، والغدر . (المنايَا) جمع يوحي بهول الفاجعة ، فهي ليست منية واحدة بل مجموعة منايا . (لقد أنجزتْ فيهِ المنايا وعيدَها) : أسلوب مؤكد بوسيلتين هما (اللام - وقد) . ( أنْجزتْ فيهِ المنايا وعيدَها- وأخلفتِ الآمالُ ما كان مِن وعْدِ( : مقابلة توضح المعاني بالتضاد (وعيدَها - وعد) : جناس ناقص له تأثير موسيقي يثير الذهن .
الفكرة الثانية : احتضار الابن وأحزان الأب
5 - ألح عليه النزف حتى أحــــــــــــــــاله *** إلى صفرة الجادي عن حمــرة الورد
6 - فيا لك من نفس تساقط أنفســــــــا *** تساقط در من نظــــــــام بلا عقــــد
7 - ألام لما أبدي عليك من الأســــــــــــــى *** وإني لأخفي منك أضـعاف ما أبدي
اللغويات
- ألحَّ : استمر و طال - النزْفُ : سيل الدم وخروجه بغزارة - أحالَه : حوله وغيَّره × أثبته - الجادىّ : الزعفران وهو نبات له زهر أصفر . - يالكِ : أسلوب تعجب للحسرة - نفْس : رُوح ج نفوس ، أنفس - تساقَط : تتساقَط ( حذفت التاء تخفيفا ) - درّ : لُؤلؤ م ( درة ) - نِظام : خيط توضع فيه حبات اللؤلؤ ( ج ) نُظم وأنظمة وأناظيم - عَقْد : عقدة تمنعه من الانفراط . - أُلامُ : أُعاتَب - الأسَى : الحزن - أُبدى : أُظهر × أخفي - أضْعاف : أمثال م ضِعْف .
الشرح :
يتحدث الشاعر عن ابنه قبيل أن يفترسه الموت ، ويستحضر صورته وهو ينازع
(يصارع) الموت فيقول : لقد انقض عليه الموت بوحشيته ؛ ليفترسه و ينقله سريعاً إلى اللحد (القبر) ، فاستمر النزيف يعاوده مرة بعد مرة حتى غيّره من نضارة الورد وحمرته إلى ذبول الزعفران وصفرته . ثم يتعجب الشاعر من الموت الذي أحكم قبضته على ابنه ، وجعل نفْس الابن تتجزأ إلى أكثر من نفس تتساقط الواحدة بعد الأخرى جزءًا جزءًا و كأنها عقد ثمين تتساقط حباته حبة إثر حبة .
ثم يقول الشاعر مخاطباً ابنه : إنني أحاول إظهار التماسك وإخفاء نيران الحسرة المتأججة عليك ، ولكني لا أستطيع ، فيعاتبني الناس على ما أظهرته من الحزن عليك ، وفي نفسي بحور من الأحزان لا ضفاف لها لم أظهرها لهم ، اخفي في قلبي أضعافها .
س : استخدم الشاعر اللون في تصوير فكرته في البيت الخامس استخداماً دقيقاً. وضح .
جـ : كان استخداماً دقيقاً حيث ظل ابنه ينزف حتى تحول لونه الوردي دليل الحيوية والنشاط إلى لون أصفر خال من النضارة وجمال الحياة ، وهكذا عندما يأتى الموت يتغير لون الإنسان .
مواطن الجمال والتذوق الأدبى :
(أحاله إلىِ صُفرةِ الجادي عن حُمرةِ الورِد) تشبيهانِ للابن قبل مرضه بالورد في نضارته وحمرته ، وبعد المرض بالجادي في صفرته وذبوله ، وسر جمالهما التوضيح ويوحيان بقسوة المرض (ألحَّ عليه النزفُ) : تعبير يدل على شدة المرض وقسوته . (صفرة) : توحي بقرب نهاية حياة الابن . (فيالك) : أسلوب إنشائي / للتعجب والتحسر (تساقط أنفساً) : توحي بشدة التمزق والمعاناة النفسية الهائلة . وهنا التفات لإثارة الذهن . (نفس تساقَطُ أنفساً تساقُطَ درٍّ من نظام بلا عقد) : تشبيه تمثيلي شبه حالة خروج الروح من ابنه رويد رويدا بحالة تساقط حبات الدر واحدة بعد الأخرى .وسر جماله التجسيم والتوضيح ، وتوحي بقسوة المرض و شدة معاناة الابن قبيل وفاته وحزن الأب . (أُلامُ): فعل مبنى للمجهول للدلالة على كثرة اللائمين وعدم اهتمامه بهم . (وإنِّى لأُخفي منكَ أضعافَ ما أُبدي ...) : إيجاز بحذف المفعول به ؛ لإفادة العموم وأسلوب مؤكد بوسيلتين هما (إن - واللام) . (أُخفِى - وأُبدِى) : محسن بديعي / طباق يوضح المعنى بالتضاد .
الفكرة الثالثة تجدد الحزن واستحالة العزاء
8 - محمد ما شيء توهم ســـــــــــــــــــلوة*** لقلبي إلا زاد قلبي من الوجـــــــــد 9 - أرى أخـويْكَ البـاقيين كليهمــــــــــــــا*** يكونـــــانِ للأحـزانِ أورَى من الزنْدِ 10- إذا لَعـِبا في ملـــــــــــــــعبٍ لكَ لذَّعــا *** فؤادِي بمثلِ النـــــارِ من غيرِ ما قصْدِ 11- وأنتَ وإنْ أُفردتَ في دارِ وحْشـــــةٍ *** فإني بدارِ الأنسِ في وحْشـةِ الفـرْدِ
اللغويات :
- مُحمَّد: ابنه يناديه - تُوهِّم: ظُنَّ - سَلْوة : عزاء ، صبر×جزع - الوْجدُ: شدة الحزن و اللوعة × سرور - أورَى: أكثر إشتعالاً × أخمد - لذَّعا: أوجعا ,احرقا × أراحا - الزَّندُ: حديدة تضرب بحجر صلب فتنقدح النار ج زِناد ، أَزْنُد ، أَزْناد. - فؤادي: قلبي ج أفئدة - قصد : تعمُّد × صدفة . - أُفردتَ: تركت وحيدا في قبرك - الفرد : الوحيد ج أفراد - دارُ وحْشةٍ: أرض خالية موحشة و المراد : القبر - دارُ الأُنْسِ : أي الدنيا التي يأنس بها الناس
الشرح :
يتحدث الشاعر إلى ابنه قائلا : ليس هناك شيء يا محمد يخفف حزني عليك فما يتوهمه الناس من أنه يخفف من حزني عليك لا يزيدني إلا ألما وحزنا على فقدك . فكلما شاهدت
أخويك الباقيين تذكرتك فتشتعل نار الأحزان و الحسرة في نفسي وإذا لعب أخواك في مكان كنت تلعب فيه أحرقا فؤادي بنار اللوعة دون قصد . وإنك يا محمد إن كنت تشعر بالوحشة في قبرك الموحش فأنا أشعر بالوحشة وأنا في الدنيا بين الناس .
س : يربط الشاعر بين ابنه الفقيد وبين أخويه الحبيبين . فما العلاقة ؟ جـ : العلاقة بينهم حبه لكل منهم فلعب الأخوين الباقيين في ملعبه يذكره به ويحرك الذكرى المؤلمة بفقده فهما يزيدان من أحزانه .
س: ساوي الشاعر بينه وبين ابنه الفقيد . وضح ، ثم عين البيت المعبر عن ذلك.
جـ : بالفعل فإذا كان الابن وحيدا في قبره يشعر بالوحشة ، فالأب في هذه الدنيا المليئة بالبشر يشعر أيضا بالوحشة والوحدة فكلاهما وحيد .
- البيت : [ وأنتَ وإنْ أُفردتَ في دارِ وحْشةٍ فإني بدارِ الأنسِ في وحْشةِ الفرْدِ]
مواطن الجمال و التذوق الأدبى :
(محمد) : أسلوب إنشائي / نداء غرضه :التحسر ، وحذفت أداته للدلالة على قربه من نفسه. (ماشيءٌ توهمَ سلوةً إلا زادَ قلبي من الوجد) : أسلوب قصر وسيلته النفي (ما) والاستثناء (إلا) وهو يفيد التوكيد وتخصيص الحكم . (تُوُهِّم) : الفعل يدل على خطأ هذا الوهم ، وبناؤه للمجهول يدل على عدم اهتمامه بهؤلاء الواهمين. (يكونان للأحزانِ أورَى من الزنْدِ) : تشبيه لهما في إثارة الأحزان بالزند في إشعال النار ، وسر جماله التوضيح والإيحاء بشدة الحزن والألم. (أرى أخويْكَ الباقيَينِ كِليْهما) : أسلوب خبري يفيد التجدد باستخدام المضارع (أرى) وفيه توكيد معنوي بـ(كليهما) ، ليدل على أنهما معا لا يكفيان للعزاء بل يزيدان في الحزن . (لذَّعَا) : تشديد (لذَّعَا) يدل على كثرة الآلام وقسوة المعاناة. (لذَعَا فؤادي بمثِل النِار) : تشبيه للحزن الذي يؤلم فؤاده ويحرقه بالنار وسر جماله التجسيم ، ويوحي بشدة الحزن . (دار وحْشَةٍ) : كناية عن القبر . (دار الأنسِ) : كناية عن الدنيا و الحياة . (فإني بدارِ الأنسِ في وحْشةِ الفـرْدِ) أسلوب مؤكد ب ( إن ) و فى البيت مساواة بين الأب الحي والابن الميت في الشعور بالوحشة والانفراد . (وحشة - الأنس) : طباق يبرز المعنى ويوضحه بالتضاد. ( أرى – أورى ) جناس ناقص له جرس موسيقى يثير الذهن .
التعليق :
1- الرثاء : من الأغراض الشعرية القديمة التي تتميز بصدق العاطفة و رقة الإحساس و البعد عن التهويل الكاذب ، كما يتجلى فيه التحلي بروح الصبر و الجَلَد . - أنواعه : رثاء ذاتي - رثاء قبلي - رثاء قومي . - أشهر شعراؤه : الخنساء في رثاء أخيها صخر .
2- القصيدة من الرثاء الذاتي ؛ لأن الشاعر يرثي فيها ابنه ، ويصور التجربة المريرة التي مر بها وعانى ويلاتها . 3- الأساليب التي استخدمها الشاعر جاءت معظمها خبرية ؛ لتقرير حالته ووصف ما به من حزن عميق لفقد الابن ، والإنشائية ؛ لإبعاد جو الملل عن النفس
الخصائص الفنية لأسلوب ابن الرومي :
(1) سهولة الألفاظ وإحكام الصياغة وعدم التكلف في المحسنات . (2) وضوح الأفكار وترابط المعاني . (3) روعة التصوير ودقة الوصف . (4) القدرة على الإيحاء والتأثير . (5) التنوع بين الخبر والإنشاء . (6) نوّع الشاعر في قصيدته بين الأسلوب العاطفي للتفجع على ابنه وأسلوب الوصف لتأكيد هذا التفجع من خلال بعض الصفات التي يصف بها ابنه ، ويصور موته وأحزان الأب عليه .
أثر البيئة فى النص :
(1) زيارة المقابر للعبرة والعظة .
(2) استخدام الزند لإشعال النار .
(3) استخدام الورد والعقود كوسيلة للزينة .
(4) وجود ملاعب يلعب فيها الأطفال .
لاحظ أن الأبيات من الخامس إلى السابع يمكن أن تندرج تحت غرض الوصف . حيث نجد الشاعر يصف لحظات خروج الروح من ابنه الفقيد . وهذا الوصف يؤكد الغرض الرئيسى للقصيدة وهو الرثاء .
ولعلك تلاحظ أن شاعرنا اختلف عن أبى العلاء الذى تحدث عن فلسفة الموت .
تدريبات ( 1 )
- بُكاؤكما يشْفي وإنْ كانَ لايُجـدِي *** فَجُودا ، فقدْ أوْدَى نظيرُكما عندي
- توخَّى حِمامُ الموتِ أوْسطَ صِبيَتَي *** فللهِ كيف اختارَ واسِطةَ العِقْدِ ؟!!
- طَواهُ الردَى عنِّي فأضْحَـــى مزارُه *** بعيداً على قُرْبٍ قريباً على بُعْدِ !!
(أ) - اختر الإجابة الصحيحة لما يأتى مما بين الأقواس:
1 - معنى (طواه) هنا : (ستره بعد ظهور - جمعه بعد بسط - قطعه بعد سير).
2 - كيف اختار واسطة العقد؟ استفهام يفيد : (السؤال عن الحال - التحسر والعجب - الإنكار) . (ب) - الأبيات تصور مدى حزن الشاعر على ولده ، وتشير إلى مكانة هذا الفقيد في قلب والده وبين أسرته ، وضح ذلك. (جـ) - استخرج من الأبيات صورة بيانية وبين سر جمالها. ( د ) - هات من البيت الثالث محسنا بديعيا وبين قيمته في المعنى ودلالته على نفسية.
(2)
الدور الثاني 1997 م
طواه الردى عني فأضحى مزاره *** بعيداً على قرب قريباً على بعد
لقد أنجـزت فيه المنايا وعيدها *** وأخلفت الآمال ما كان من وعد
ألح عليه النزف حتى أحاله إلى *** صفرة الجادي عن حمرة الورد
(أ) - ضع مفرد " المنايا" ومرادف " أنجز" في جملتين من تعبيرك .
(ب) - وظف الشاعر بعض المحسنات البديعية للتعبير عن عاطفته . وضح ذلك .
(جـ) - ما أثر استخدام اللون في تصوير فكرة البيت الثالث ؟
(3)
الدور الثاني 2002 م
ألح عليه النزف حتى أحـالــــه *** إلى صفرة الجادي عن حمرة الورد
فيا لك من نفس تساقط أنفسا *** تساقط در من نظام بلا عقــــد
ألام لما أبدي عليك من الأسى *** وإني لأخفي منك أضـعاف ما أبدي
محمد ما شيء توهم سـلــــوة *** لقلبي إلا زاد قلبي من الوجـــــد
(أ) - ضع مرادف " توهم " ، ومضاد " الوجد " في جملتين من عندك . (ب) - تكشف الأبيات عن مشاعر الأب في تصويره موت ابنه ، وفى وصف حزنه عليه . وضح ذلك . (جـ) - بين ما يلي : - إيحاء كلمة (ألح) . - دلالة بناء الفعل (ألام) للمجهول .
(د) - وضح الصورة ، وقيمتها الفنية في البيت الثاني .
(4)
أرى أخـويْكَ البـاقيين كليهمــــــــــــــا*** يكونـــــانِ للأحـزانِ أورَى من الزنْدِ إذا لَعـِبا في ملـــــــــــــــعبٍ لكَ لذَّعــا *** فؤادِي بمثلِ النـــــارِ من غيرِ ما قصْدِ وأنتَ وإنْ أُفردتَ في دارِ وحْشـــــةٍ *** فإني بدارِ الأنسِ في وحْشـةِ الفـرْدِ
(أ) - هات مفرد "أخويك " ، ومضاد " لذع" في جملتين من تعبيرك .
(ب) - تصور الأبيات حسرة الشاعر لفراق ولده ، وقسوة الموت الذي اختار أحب أبنائه . وضح ذلك .
(جـ) - عين في البيت الثالث محسناً بديعياً ، وبين نوعه ، واذكر أثره في المعنى . (د) - يربط الشاعر بينه وبين ابنه الفقيد . من اين تفهم ذلك ؟ وعلام يدل ؟ (هـ) – جمعت القصيدة بين غرضين مختلفين من أغراض الشعر إلا أنهما يعبران عن شدة التفجع والحسرة . وضح ذلك من خلال القصيدة .
(5)
- بُكاؤكما يشْفي وإنْ كانَ لايُجـدِي *** فَجُودا ، فقدْ أوْدَى نظيرُكما عندي
- توخَّى حِمامُ الموتِ أوْسطَ صِبيَتَي *** فللهِ كيف اختارَ واسِطةَ العِقْدِ ؟!!
- طَواهُ الردَى عنِّي فأضْحَـــى مزارُه *** بعيداً على قُرْبٍ قريباً على بُعْدِ !!
(أ) ما معنى " أودى" ، وما مفرد " المنايا" ، وما مضا د "توخى" ؟ وبم يوحى التعبير "نظيركم عندى " ؟ وكيف يكون المزار قريبا وبعيدا ؟ ولم اختار الفعل "اضحى" ؟ (ب) تعد قصيدة ابن الرومى من الرثاء الذاتى . اشرح ذلك . (جـ) دلل على أن ابن الرومى شاعر مطبوع من خلال الأبيات السابقة ؟
(6)
ألح عليه النزف حتى أحـالــــه *** إلى صفرة الجادي عن حمرة الورد
فيا لك من نفس تساقط أنفسا *** تساقط در من نظام بلا عقــــد
ألام لما أبدي عليك من الأسى *** وإني لأخفي منك أضـعاف ما أبدي
محمد ما شيء توهم سـلــــوة *** لقلبي إلا زاد قلبي من الوجـــــد
(أ) "ألح" تعنى ( استمر – انقطع – تضجر – تظلم ) "نظام" تعنى ( ترتيب – تتابع – خيط – منظومة ) "أحاله" مضادها ( غيره – اثبته – ساعده – أنشاءه ) (ب) أكمل الفراغات : مفرد در .......... وحتى تفيد .......... ويالك من نفس أسلوب .......... (جـ) كانت الفترة التى سبقت موت ابن الشاعر فترة عصيبة . وضح ذلك . (د) الأبيات السابقة تختلف عن غرض القصيدة (الرثاء) فماذا جاء فيها ؟ وما قيمتها فى الرثاء؟ (هـ) بين ما يلى : - القيمة التعبيرية لـ"صفرة الجادى"عن "حمرة الورد" . - بناء الفعل "ألام"للمجهول .- المحسنات البديعية فى الأبيات وارتباطها بعاطفة الشاعر. ( و ) لم يغرق الشاعر قصيدته بالوصف بل أتى به دالا موحيا . وضح بمثال .